وقفة : لاعب واحد يلمس الكرة ... هذا هو برشلونة

يواصل العملاق الكتلوني برشلونة الاستعراض بتقديم أجمل كرة في عصرنا الحالي بل قد تكون أجمل كرة في كل العصور ، ويواصل ميسي ورفاقه كسر كل حائط دفاعي بلمسة واحدة ويواصلون إجبار كل الخصوم على السعي للخروج بأقل الخسائر ، وفي نفس الوقت يبدو الجميع مستسلماً لحقيقة أن برشلونة هو الأفضل وحتى إن خسر فهو يكون الأفضل على أرض الملعب.

ذكر البروفيسور الراحل راندي باوش خلال كتابه "المحاضرة الأخيرة" درساً جميلاً في حياته التي لخصها بعد معرفته بمرض مميت في ذلك الكتاب ، فعندما كان صغيراً جاء ليتعلم كرة القدم الأمريكية فاندهش لأنه في التدريبات لم تكن هناك جلسات للتدرب بالكرة سوى لمدة نصف ساعة في حين كانت باقي المدة (ساعتين ونصف) هي عبارة عن تدريبات من دون كرة ، وعندها انزعج هو وكافة أقرانه ليعلنوا غضبهم في وجه مدربهم الذي رد عليهم بطريقة جميلة تجعلنا نفهم برشلونة أكثر: " هناك 22 لاعباً في الملعب لكن لاعب واحد يلمس الكرة فقط ، ومن الحماقة أن نفكر بالتركيز على الواحد وننسى 21 لاعباً".

في الحقيقة هذا ما ينطبق برشلونة بشكل كامل، فقوة برشلونة الحالي لا تكمن في لمسه للكرة وحسب ولا بمهارات ميسي أو تمريرات تشافي فهي أمور قد توفر مثلها في الماضي لدى فرق كثيرة ولكن لم يتم خلق ما يشبه برشلونة الحالي ، لكن القوة الخارقة تكمن بتحرك جميع اللاعبين من دون كرة بشكل يجعل من المستحيل معه على فرق لا تتدرب سوى بالكرة التعامل مع تلك التحركات ، فيختار الكثيرون الانهيار والاستسلام سواء كان الفريق صغيراً أم كبيراً.

ما يقدمه برشلونة يمهد لعصر جديد في كرة القدم ، عصر يرتكز فيه التدريب على التحركات أكثر من المهارات والمواهب ، وبالتالي فإن الحاجة إلى المدارس الشبابية ستصبح أكبر فبرشلونة يحصل على لاعب موهوب من مدرسته ثم يبدأ بعملية زراعة العقيدة التي تقوم على التحرك أكثر من الركل.

لك عزيزي القارىء كي تدرك معنى هذا الكلام : فقط تابع برشلونة عندما يدافع ولاحظ كيف يتحرك لاعبوه بشكل مدروس ، فهم بتحركاتهم الدفاعية يجعلون الضغط كبيراً على كل فرد في الفريق الخصم ولأن الخصم لا يتحرك جيداً يستسلم ويمنحهم الكرة... نفس الأمر في الهجوم يمكن لك أن تلاحظه ، لتجد كيف أن الكل يتحرك والبعض يقف لغاية معينة وفجأة يكون لدى كل من يملك الكرة أكثر من خيار للتمرير وهذا ما يبرر انخفاض نسبة التمريرات الخاطئة لديهم.